رؤى وتوجيهات وتوظيف تربوى

الأربعاء، 26 ديسمبر 2012

المدونات الالكترونية ( المميزات -الموضوعات التي تتناولها المدونات- لغة المدونات-جمهور المدونات الالكترونية)


خصائص المدونات الالكترونية

    
 – المميزات التقنية للمدونة.


1- ميزة صاحب الموقع:

أولى المميزات التي يتحصل عليها صاحب الموقع هو حصوله على موقع شخصي له، و عندما نقول شخصي نعني أن المحتوى في هذه المدونة له علاقة بأفكاره الخاصة. فعلى سبيل المثال، يوجد هناك آلاف المواقع تتحدث عن أحداث 11سبتمبر و جميعها تتحدث عن الموضوع نفسه، ولكن إذا نظرنا إلى المدونة الشخصية فنلاحظ أنها طرح أفكارا خاصة، وهذا من خلال  تجارب و آراء شخصية أو أنها من محض الخيال، حتى أن البعض من المدونين يقوم باستخدامها لكتابة خواطره اليومية، ومن هنا نجد أن مدون كل واحد تختلف عن بقية المدونات.




    من جهة أخرى، هناك حرية الاستخدام وأرشفة المواضيع، حيث يقوم في العادة الشخص بوضع مقاله في أحد المواقع التي تنشر له، وهنا يقوم العديد من الزائرين لهذا الموقع بالتعليق عليه، إن كان نقدا بناء أو نقدا سلبيا. مع العلم أن صاحب الموقع لديه الأداة بالتحكم بجميع الكتابات و التعليقات الواردة  إليه، و عدد الزائرين الذين يقرؤون مدونته، وبذلك يستطيع أن يحصل على الاهتمام المنشود. وعليه، فإن ما سبق يمثل عالم المدون الإلكتروني والذي ينشر ما يريد من غير رقابة أو حاجز، و بالتالي، فهو يستطيع أن يحتفظ بكم غير محدود من المدخلات التي ينشئها بواسطة نظام أرشفة تسلسلي حسب التواريخ ويستطيع المدون المعني الرجوع إليها وقتما شاء.

    في نفس المضمار، تجدر الإشارة إلى الانتشار و الشهرة و الربح المادي، حيث أن تنافس المواقع وانتشارها يساعد على انتشار المدونات. فعندما يأتي المستخدم في البحث عن موضوع ما و عن طريق أحد محركات البحث، فإنه يجد الكثير من المعلومات التي تهمه وهنا يأتي دور المدونة.  فمن المميزات التي تقدمها لصاحبها أن محتواها يندرج تحت الكثير من محركات البحث، و يستطيع أي شخص البحث عنها، و بذلك يستطيع أي مدون استثمار مدونته ماديا عن طريق وضع الإعلانات التجارية و غيرها. حتى أن الكثير من أصحاب المدونات يقومون بوضع إعلانات لمدوناتهم لدى مدونة أخرى من نفس الاهتمام. وأحيانا يكون ثمة تعاون أدبي ليس له أي مردود مادي سوى الانتشار أو التعاون المشترك كما ذكرنا آنفا. وذلك بوضع روابط كثيرة لمدونات مختلفة تهتم بمواضيع المدونة نفسها و لها روابط مشابهة، علما بأن معظم هذه المدونات مجانية و تقوم أيضا على الاستضافة المجانية لمدونات أخرى.


2- ميزة الزائر التي تتمثل في متابعة الأخبار الجديدة بسهولة وبشكل علمي

 هي من المزايا المهمة لبعض المدونات، وهنا ليس على الزائر أن يقوم بزيارة الموقع عند الحاجة لذلك، فهناك تقنية RSS  التي تجعل المبحر على إطلاع دائم بجميع محتويات المدونة التي يرغب الاشتراك فيها،  فهي ليست منتديات تهدف إلى تحقيق مشاركة الزوار لزيادة عدد المشاركات، ولكنها تعبير عن حرية الرأي.


٣-  المميزات الاتصالية للمدونة.

    بعد أن استعرضنا المميزات التقنية المختلفة، نحاول التعرض إلى المميزات التي تسهل الاتصال فيما بين المستخدمين للمدونات، والتي سميناها مميزات اتصالية تم التوصل إليها من خلال استنتاجاتنا لما تم الاطلاع عليه خلال دراستنا:

- المدونات هي وسيلة هائلة للتواصل بين فريق العمل وأفراد الشركة الواحدة، فهي تسمح لأفراد الفريق بإضافة الروابط و الملفات و التعليقات، وتمكن المدونة من تبادل الأخبار العائلية مع أفراد العائل، كما تساعد المجموعات الصغيرة على التواصل للمتابعة بصفة أبسط وأسهل من البريد الإلكتروني أو حتى من المنتديات.

- تساعد المدونة في بقاء الجميع على اطلاع حول الموضوع، كما تساعد على نشر ثقافة المجموعة و إتاحة الفرصة للجميع لإبداء رأيهم في أمر ما.

- أنها سهلة الاستخدام سواء لصاحب المدونة أو للزوار، فصاحب المدونة يستطيع أن يقوم بإنشاء مدونته في دقائق،  وبعد ذلك لا تحتاج عملية الكتابة لأي جهد أو عناء، كما لا يحتاج الموقع إلى أي تسيير إداري تقريباً.  فكل شيء ينظم من خلال برنامج المدونة، أما الزوار فهم يرون أن معظم المدونات تتشابه من حيث ترتيب المحتويات وتقسيمها، وبالتالي يسهل عليهم تصفح هذه المدونات، كما أن التعليق على المواضيع ليس عملية صعبة، وفي الغالب لا يحتاج الزائر إلى أن يقوم بالتسجيل لكي يعلق على أي موضوع.

- توفر المدونات مساحة شخصية لصاحب المدونة،  فيستطيع أن يكتب آراءه وأفكاره بعيداً عن مقص الرقيب. وقد يعترض الزائر على آراء المدونة، وبالتالي يمكنه عدم العودة ثانية إلى المدونة. أيضا، يمكنه أن يتحاور مع صاحب الموقع لكنه لا يستطيع أن يفرض وجهة نظر معينة على صاحب المدونة.

- وجود كل أعمال صاحب المدونة في مكان واحد، فبدلاً من أن يوزع كتاباته وأعماله على مواقع عدة فهو يجمعها في مكان واحد.


أ- إيجابيات التدوين.

   من خلال مراجعة العديد من المدونات الالكترونية استطعنا الوقوف عند بعض الإيجابيات وكذا السلبيات، ويمكن سردها على النحو التالي:

-التدوين وسيلة عامة  للنشر، أدت إلى زيادة دور الواب باعتبارها وسيلة للتعبير و التواصل أكثر من أي وقت مضى.

- وسيلة للنشر و الدعاية و الترويج للمشروعات و الحملات المختلفة.

-وسيلة بسيطة و مجانية

- وسيلة مهمة لتجاوز حاجز التقوقع و الرقابة في نشر المعلومة، وبالتالي، فهناك نوع من دمقرطة المعلومات على الصعيد العالمي.

- فيها الكثير من الإبداع و التمييز و التفرد.

- أداة فعالة في التعبير عن الهموم الشخصية و العامة.

- هي وسيلة تعمل على كشف المسكوت عنه.

- تجسيد حرية الرأي و التعبير بشكل يجعل الكلمات أقرب للجمهور، و الأخبار و الأفكار التي تنشر أدق و أصدق في الكثير من الأحيان من الوكالات الإخبارية و أشهر الجرائد.

- المدونات تعبر عن صوت رجل الشارع أو الشاب العادي بصراحة شديدة، ويمكن من خلالها استنباط نبض فئة الشباب، الذي يتعامل مع شبكة الانترنت و الموصوف بالمتعولم إن جاز التعبير، خاصة في الدول العربية.

 -المدونة سريعة الانتشار بين الشباب، و يمكن من خلالها تقديم خدمات جديدة للمجتمع لأنها تتحدث بلغة الشباب التي يعرفها. فإلى جانب أنها مجانية فهي مترابطة حيث تحتوي كل مدونة على وصلات إلى مدونات أخرى.


ب- سلبيات التدوين.

- الحرية الكاملة التي يتذرع بها البعض في التدوين هي في بعض الأحيان على حساب القيم و الأخلاق، إلا أن هذا يبقى مرهونا بعقلية المدون و القارئ مثله مثل كافة تطبيقات شبكة الواب.

- أصبحت المدونات تمثل صداعا بالنسبة للعديد من الحكومات العربية، التي تخشى بشدة أن يمتلك المواطنون وسائل تتيح لهم فضح الممارسات الغير قانونية واللاديمقراطية التي تميز سياسات تلك الحكومات.

- يعبر الشباب عن آرائهم دون محاذير أو قيود، لدرجة استخدام بعضهم لتعبيرات هي أقرب للسباب و التجريح ضد بعضهم البعض، أو ضد بعض المسئولين في الحكومات.

- هناك بعض المدونات العنصرية التي تزرع الكراهية و العنف، كما أن الكثير من المدونات العربية مليئة بالآراء و المواضيع التي لا تقدم شيئا سوى الشتائم، على اعتبار أنها الوسيلة الوحيدة للتعبير عن الرأي الوطني، بدون موضوعية وبدون احترام قيم و قواعد الكتابة.

- قلة الكتابة الذاتية مما جعل بعض المدونات مفرغة من هدفها الأساسي.

- المدونات ليست كلها مصدرا للمعلومة، كما أنها يمكن أن تضعف من قوة وسائل الإعلام الحرفية، باعتبار أن المدونة دائما تعطى شعورا بالثقة في معلوماتها لأنها مغلفة بالذاتية، وقارئها يستطيع التعقيب على محتوياتها. المدونة أيضا يمكن أن تتسبب في ضعف أسلوب الكتابة و اندثار أخلاقيات الكلمة، إذا لم يحترم كاتب المدونة مسؤولية ما ينشره. فالمدونة إذا لم تحترم القواعد العالمية للتعبير بالصور أو الكتابة فإنها معرضة في أي وقت للإلغاء.

ج- مشكلات التدوين.

   أغلب المشاكل التي تواجهها المدونات في البلدان العربية هي أمنية أساسا، و ذلك لتعلقها بالأمور السياسية، أو التي تمس رئيس الجمهورية أو أيا من نظام الحكم الشرعي في البلاد. و لذلك يواجه أي مدون عقبات كلما كتب رأيه بحرية أو يتعدى ما هو مسموح به.

  أيضا، لا تتوقف مشاكل المدونين عند هذه المرحلة فهي قد تمتد إلى جانب آخر من الـناحية التقنية، و بخاصة عند فتح باب التعليق في المدونة للزائرين، فعند إضافة أي تعليق من زائر ما يريد التخريب، قد يضيف كود (تختلف أنواع الاكواد التي يٌرجى منها التخريب،  بعضها أوامر صريحة و أخرى”جافا سكر يبت” JavaScript و بالتالي تكون المدونة عرضة للوقوف المتكرر، خصوصا الصفحة التي يوجد فيها التعليق الذي سبب تلك المشكلة

   وهناك مشكل آخر، يتمثل في عدم مقدرة ضبط عدد المدونات الالكترونية فالعدد في تصاعد دائم وسري. كما أن هناك أيضا الكثير من المدونات التي يتخلى عنها أصحابها، فأكثر من 40 % من المدونات الشخصية تتوقف بعد 06 أشهر من انطلاقها. ففي الولايات المتحدة الأمريكية يملك نحو08 % ­­­­من مستخدمي الانترنت أي 12 مليون أمريكي بالغ مدونات شخصية بحسب تقرير مؤسسة بيو، بينما يزور المدونات ويتابعها 39% من مستخدمي الانترنت أي 57 مليون شخص بالغ. وتعتبر فرنسا البلد الثاني بعد الولايات المتحدة الأمريكية من حيث عدد المدونات الالكترونية، حيث يقدر عدد المدونات الفرنسية ب 6 ملايين مدونة، أي كل 10 سكان فرنسيين تقابلهم مدونة واحدة. كما تقدر المدونات الالكترونية في إيران ب 77 ألف، في حين لا يتجاوز عدد المدونات في مصر التي تضم أكبر عدد من المدونات في الوطن العربي سوى 1000 مدونة بالرغم من الجدل الذي أحدثته.

    زيادة على هذا هناك مشكلة أخرى تعاني منها المدونات العربية وهي غياب  التجديد الدوري، فأقصى أرشيف لا يتجاوز السنتين وهذا يعود ربما إلى حداثة الظاهرة وغياب التجديد الدوري، هذا بالإضافة إلى موروث ثقافة النقد ونسبية الحريات وتشوهات الواقع السياسي والثقافي للمجتمعات العربية.


2- الموضوعات التي تتناولها المدونات.

    لقد أصبحت مضامين المدونات تتطرق لمختلف الأنشطة و مجالات الحياة، الثقافية و العلمية والاجتماعية و اليومية الأخرى. زيادة على عدد كبير من المجالات الشخصية، و أضحى من السهل تبادل المعلومات و الآراء بين الأفراد دون قيد قانوني بما في ذلك الدعايات و التحريف و نشر معلومات قضائية من الصعب نشرها في وسائل الإعلام المحلية بسبب القيود على نشرها، خاصة و أن التطور المذهل الذي تشهده التقنيات و الأدوات و الخدمات و سرعتها عقد كثيرا من مهمة تنفيذ القوانين الجديدة ” ذلك لأنه من الصعب تحديد هوية الأشخاص بمعنى كيف نستطيع معرفة من يقول فلان أنه بالفعل هو فلان “.

      في هذا السياق، أظهر تقرير أجرته مؤسسة “بيو انترنت أمريكان لايف بروجكت” الأمريكية أن 37% من المدونين الذين شاركوا في الاستطلاع، يرون أن الكتابة عن حياتهم الخاصة وخبراتهم تأتي في المقام الأول في مدوناتهم. بينما تأتي القضايا السياسية في المقام الثاني لدى 11% منهم، وجاءت الموضوعات الترفيهية في المركز الثاني في قائمة أهم الموضوعات التي يعتبرها بعض المدونين السبب الأساسي لإنشاء مدوناتهم بنسبة07%، تليها الرياضة بنسبة 06% ثم الأخبار في المركز الخامس بنسبة 05%. و كانت القضايا الدينية والموضوعات الروحية الهدف الرئيسي الذي دفع 02% من المدونين لإنشاء مدوناتهم.

     ومن خلال استقرائنا دائما للمدونات الالكترونية، رأينا أن الموضوعات التي يتناولها الناشرون في مدوناتهم تتراوح ما بين اليوميات و الخواطر و التعبير المسترسل عن الأفكار، و الإنتاج الأدبي و الموضوعات المتخصصة في مجال تقنية الانترنت نفسها. وبينما يخصص بعض المدونين مدوناتهم للكتابة في موضوع واحد،  يوجد آخرون يتناولون موضوعات شتى فيما يكتبون، كذلك توجد مدونات تقتصر على شخص واحد و أخرى جماعية يشارك فيها العديد من الكتاب، و مدونات تعتمد أساسا على الصور و التعليق عليها.

     ويختلف مضمون المدونات من مستخدم لآخر، فقد تحتوي على أخبار عن شركة معينة أو أخبار عن شخصية أو قد تستخدم كدفتر يوميات لبعض الأشخاص، وفي معظم الأحيان نجد الكثير من الأدباء و المفكرين وبعض الرموز العلمية يستخدمونها للتواصل مع العامة و الخاصة، وهم بدورهم يقومون بنشر موادهم الأدبية و العلمية، سواء كانت شعرا أو مقالات خاصة، ناهيك عن التواصل بطريقة الصوت و الصورة. و في معظم الأحيان تقوم مجموعة من الأفراد لها اهتمام مشترك بإنشاء مدونة خاصة بهم،  تتيح لهم  التواصل و العمل مع مدونات أخرى، و ذلك للاستفادة من المواضيع المطروحة إن كانت تحتوي على روابط لمواقع أخرى تفيد الزائر و المهتم في هذه المدونة التي يضيف عليها تعليقاته.


3- لغة المدونات.

   في الأصل تعتبر المدونات العربية رغم تكاثرها المتسارع، قليلة قياسا بالمدونات الغربية، فالمدونات العربية في نسختها الإنجليزية و الفرنسية، هي الأكثر حضورا نوعيا وكميا مما هو متوفر باللغة العربية. ففي البداية كانت المدونات تكتب و تنشر باللغة الإنجليزية في المشرق و باللغة الفرنسية في المغرب العربي، ويعود السبب إلى عاملين أساسيين:


الأول: فني تقني، ظهر خاصة مع بداية نشأة المدونات على الإنترنت باللغة اللاتينية، وغياب البرمجيات العربية المتخصصة في تصميم مثل تلك المواقع.

الثاني: يعود إلى أن مؤسسي المدونات الأوائل هم في أغلب الأحيان أجانب مقيمين في المنطقة العربية، وكذلك من الشباب المتعلم من البرجوازية العربية المتفتحة على الثقافة الغربية و المتمكنة من اللغات الأجنبية.  في هذا السباق، يعتبر المدون “هيثم صباح“  أن “المدونات المكتوبة بالعربية هي في الغالب نقد ذاتي وإن كانت موجهة للحكومات المحلية، لكنها ليست مؤثرة بالشكل المطلوب بسبب سلطة الدولة و القانون و تجاهل الإعلام المحلي لها، في المقابل نجحت كثير من المدونات المكتوبة بالإنجليزية في الوصول إلى عناوين الأخبار على صفحات الجرائد  العالمية و محطات التلفزيون و الإذاعة الغربية”.

    قد يكون أيضا الاتجاه نحو لغة أجنبية بحثا عما في تلك اللغة من تحررية لا توفرها اللغة العربية التقليدية، و التي تفرض القيود الأخلاقية التابعة من الثقافة و العادات و التقاليد العربية ذاتها. وهكذا يمكن أن تساهم المدونات في اهتزاز الثقافة العربية، وذلك من خلال إبراز عنصري اللغة و التعبير عن الرأي في قضايا الشأن العام و تحرر الفرد ثقافيا من أسر المجتمع و اضطهاد المؤسسة و الدولة.

       في هذا الصدد، تقول مدونة سورية:‏” فكرة خطرت على بالي وخلقت في شعوراً من عدم الارتياح، في كل مرة أتصفح فيها المدونات السورية:  لماذا نكتب بالإنجليزية؟ فكرت كثيراً ولم أجد جواباً. الأمر لا ينحصر فقط بالانترنت، كثيرون منا يتخاطبون بالإنكليزية عبر الSMS  والبريد الالكتروني، هل نحن بالفعل أكثر قدرة على التعبير بلغة أجنبية؟ هل نحن عاجزون عن استخدام لغتنا الأم للتعبير عما يجول في خواطرنا؟ هل هي رغبة منا بدافع من لاوعينا، إلى الظهور بمظهر المثقف المنفتح عن العالم الخارجي؟  هل هي عقدة نقص تجعلنا نحس أن استخدام الانجليزية دلالة على التحضر والمعاصرة؟ هل استخدام الانجليزية بات مميزاً للنخبة المثقفة من الشباب العربي؟ هل نحن لا نستطيع استخدام الفصحى، ولأن العامية لا تكتب عادة فقد قررنا الابتعاد عن كليهما؟ هل العربية لغة غير مرنة ومحدودة الاستخدام في عالم الانترنت؟”. رغم أن هذا الكلام يعارض ما يراه المدون الإيراني “حسين درخشان” عندما قال: إن لم تدون بالإنجليزية فكأنك لم تدون.

      ففي المغرب العربي مثلا، وقبل أزيد من سنة بقليل، كان من الواضح أن اللغة الفرنسية هي المهيمنة على المدونات المغربية. لكن حاليًا بعد توفر خدمات تدوين مجانية بالعربية وشروع الصحافة المغربية (المكتوبة بالعربية) في الحديث عن التدوين والمدونات، بدأت اللغة العربية تفرض نفسها على المدونات التي تفرض نفسها هي الأخرى وتحصل على قراء دائمين، وعددها تقريبًا يتوزع بالتساوي بين العربية والفرنسية. العربية منها يطغى عليها الجانب السياسي والقومي، والفرنسية يطغى عليها الجانب الشخصي والاجتماعي وكذلك التقني.

   ويرى “أحمد” صاحب مدونة “بلا فرنسية !” أن “سبب استخدام الفرنسية في المدونات لا يختلف عن سبب استخدامها في وسائل الاتصال الأخرى مثل الجرائد. هناك فئة من المدونين إما بسبب تكوينهم الفرنسي، أو عملهم لا يتصورون أن تكون العربية لغة اتصال خاصة مع المتعلمين، وهم بذلك يقصون نسبة كبيرة من جمهورهم.”

    الملاحظ هنا، هو نوع من القطيعة بين من يدون بالعربية وبين من يدون بالفرنسية. المدونون بالفرنسية يغلب عليهم الطابع الاحترافي، لذلك نصبوا أنفسهم – ربما ليس باختيارهم- متحدثين رسميين باسم التدوين المغربي وصار لهم تجمعاتهم واحتفالياتهم. على عكس المدونين بالعربية الذين يحملون معهم سلبيات التجمعات الحزبية وصاروا يتصارعون حول تأسيس ورئاسة التجمعات والاتحادات من جهة، ومن جهة أخرى، التسابق نحو إطلاق الحملات التدوينية على شاكلة “حملة لدعم الأقصى”، “حملة لدعم غزة”… الخ. مع ضرورة التنويه إلى وجود مدونين بالعربية سموا عن هذه التجمعات ونجحوا في إبراز مدوناتهم وتحقيق مصداقيتها.

    وبما أن هدف المدونات هو بالأساس تحسيس المواطن البسيط، وتوعيته بحقوقه وواجباته، وبما أن هذا المواطن يتحدث في الغالب فقط باللغة العربية، فالكتابة له بلغته ستكون أكثر تأثيرا ونفعا. خاصة إن تعلق الأمر بالسياسة ومعالجة المشاكل الاجتماعية. وعليه نرى بأن أي لغة أخرى غير اللغة العربية، تبقى عاجزة عن ملامسة مشاعر الناس، الذين هم في الغالبية لا يقرؤون إلا باللغة العربية؟


4- جمهور المدونات الالكترونية.

      مثلما كانت الإنترنت وسيلة أتاحت للمنظمات والهيئات غير الإعلامية ممارسة النشاط الصحفي. فعلت الشبكة الشيء نفسه بالنسبة للأفراد والهواة، وأصبح بمقدور أي شخص سواء كان صحفيا أم لا أن ينشئ موقعا صحفيا، ويقدم من خلاله التقارير والأخبار والمعلومات والمقابلات الصحفية. وبث لقطات بالصوت والصورة من مواقع الأحداث. والأمر نفسه بالنسبة لأي مجموعة من مستخدمي الشبكة الذين يتشاركون في الاهتمامات والأهداف والتخصصات.

    فأي شخص لديه اتصال بالإنترنت يمكنه قراءة المدونات، عن طريق محركات البحث المرتبطة بالمدونات، والأشخاص الذين يملكون مدونات يعتبرون أكبر فئة مطلعة على المدونات الأخرى، فهم لا يقرؤون فقط مدونات الأشخاص الآخرين، بل أيضا يضيفون الروابط لها و يكتبون عنها في مدوناتهم الشخصية. ربما هي الحاجة للتواصل مع الآخرين أو الفضول البشري هو الذي يدفع الناس لقراءة المدونات (تماما كما يدفعهم لمتابعة تلفزيون الواقع)، والبعض قد يرغب في قراءة المدونات لأحد الأسباب كالرغبة في الحصول على الآراء المختلفة حول الأخبار، الإصدارات، و جوانب اهتمام أخرى. أو لجمع المعلومات من مصدر موثوق، أو لتعلم المزيد عن موضوع معين. أو لإيجاد أشخاص ذوي اهتمامات و أفكار مشابهة.

       ومن المسائل التي لا جدال فيها أن أغلبية الذين يملكون مدونات في العالم هم من فئة الشباب، فتقرير مؤسسة “بيونترنت أن أمريكان لايف بوركت” الأمريكية يقول: بأن المدونين الذين تقل أعمارهم عن30سنة يمثلون 50 %من جميع المدونين الأمريكيين.

     كما أنه في الوطن العربي ورغم أن بداية التدوين كانت مع بعض السياسيين من غير الشباب، إلا أنه سرعان ما تفشت هذه الظاهرة بين الشباب العربي، فأصبحت أغلبية المدونات العربية على شبكة الانترنت من إنتاج الشباب، وذلك بكل بساطة لما تعانيه هذه الفئة من تفشي البطالة ومضايقة الحرية ومشاكل أخرى، كذلك تتغير بتغير البلد.
   فبعد الحرب على العراق ظهر اتجاه عند فئة من الشباب العربي للاعتماد على المدونات، من أجل نشر أفكارهم ومواقفهم، وبلغت ذروة التدوين في الدول العربية مع حلول سنة 2006، حيث نشرت “لوموند ديبلوملتيك” مقالا في شهر أوت من السنة نفسها، أشارت فيه إلى أن عدد المدونات العربية تجاوز40 ألف مدونة، من أصل أكثر من 37 مليون مدونة موجودة على شبكة الانترنت. وفي تقرير نشره موقع “techno” العالم يشهد ظهور مدونة جديدة كل ثانية، و هذا المعدل ينطبق على منطقة الشرق الأوسط و الدول العربية.


أ- استخدامات المدونات.

    في الغالب المدونات هي مواقع شخصية لكن لها استخدامات كثيرة أخرى، فيمكن إنشاء مدونات متخصصة في جانب ما، ومثل هذه المدونات تقدم الكثير من الفوائد للمهتمين بهذا التخصص، فكل يوم هناك دروس وروابط جديدة، كل يوم تحوي أفكاراً وحوارات جديدة، ومثل هذا التجدد والنشاط لا نجده في المواقع التقليدية إلا نادراً.


    أما المؤسسات سواء الحكومية أو الخاصة أو الأهلية فيمكنها أن تستفيد من المدونات بعدة طرق، فيمكن للمؤسسة أن تتواصل مع زبائنها مباشرة فتسمع آرائهم ومقترحاتهم وانتقاداتهم، وتبني بذلك جسور الثقة بينها وبين عملائها، كذلك يمكنها أن تقدم دعماً فنياً للزبائن مباشرة عبر المدونة، ويمكنها أن تسوق منتجاتها بأسلوب غير رسمي وبعيداً عن مبالغات رجال التسويق.


    أما المؤسسات التعليمية فيمكنها أن تستفيد من المدونات، بأن تتواصل مع الطلبة من خلال المدونات، فتطرح المشاريع والواجبات من خلال المدونة ويمكن طرح الدروس بوسائل مختلفة من خلال المدونة، ويمكن للمدرسة هي الأخرى أن تتواصل مع أولياء التلاميذ وتخبرهم بأنشطة المدرسة وأخبارها،  وبالمدونات يمكن للطلبة أن يكتبوا في المدونات لكي يتعلموا مهارات كثيرة مثل الكتابة والحوار وإدارة المواقع.



    وفي هذا المضمار، تطرح “نسرين التازي” – مبرمجة مواقع إنترنيت – نماذج لاستخدامات متعددة للمدونات مثل: إنشاء مدونات خاصة بالمعاهد العليا كوسيلة أسرع لتبادل المعلومات و التجارب، ومدونات خاصة بجمعيات المجتمع المدني كوسيلة للتربية على روح المواطنة، ومدونات خاصة بالشركات كوسيلة لتسويق الإنتاج و الاقتراب أكثر من المستهلك، ومدونات خاصة بالثقافة و الفنون لتواصل أكبر مع الجمهور

هناك تعليق واحد: