التكنولوجيا التعليمية لذوي الاحتياجات الخاصة
تمثل قضية تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة وتأهيلهم تحديًا حضاريًا للأمم والمجتمعات؛ لأنها قضية إنسانية بالدرجة الأولى، يمكن أن تعوق تقدم الأمم، باعتبار أن المعوقين يمثلون نسبة لا تقل عن 10% من مجموع السكان على المستوى المحلي والدولي، وتشكل هذه الأعداد الكبيرة من ذوي الاحتياجات الخاصة فاقدًا تعليميًا، يهدد الاقتصاد الوطني والعالمي، وطبقًا لبعض الإحصائيات المعلنة عبر الإنترنت فإن عدد المعاقين في العالم يبلغ 600 مليون شخص، أكثر من 80% منهم في الدول النامية.
ومهما اختلفت الإحصاءات وتضاربت الأرقام فالمشكلة الأكبر تتمثل في ضآلة عدد الذين يحصلون على الخدمات والرعاية منهم في الدول النامية، إذ إن الذين يحصلون على الخدمات المطلوبة في هذا المجال يمثلون 1.9% فقط من ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث إنها تحتاج إلى مؤسسات سواء أكانت حكومية أم غير حكومية، بالإضافة إلى أن تكاليفها باهظة للغاية، كما يتطلب الأمر تدريبًا وإقامة وموظفين، مما يقضي بضرورة التعاون والتكاتف الاجتماعي بين جميع الفئات في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، مع البحث عن جهات مانحة لمحاولة إدخال هذه الفئات وغالبيتهم من الفقراء ومحدودي الدخل في عملية التنمية بدلاً من أن يكونوا عالة عليها.
ضرورة الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة:
إن الاهتمام بتلك الفئة مطلب ديني لجميع الأديان، ومطلب سياسي عملاً بمبدأ تكافؤ الفرص والتعليم للجميع، ومطلب اقتصادي لأنهم فئة غير قليلة، والاهتمام بهم يساعد في دفع عجلة الاقتصاد وزيادة الدخل القومي، ومطلب اجتماعي لأنهم جزء من نسيج المجتمع، ينعكس صلاحهم على صلاح المجتمع ككل، ومطلب تربوي لأنهم أبناؤنا، ومن حقهم علينا أن نحسن تربيتهم وتعليمهم، إن هؤلاء يرغبون في التعليم ويتمنون الانخراط في المجتمع، يعيشون حياتهم ويمارسون أنشطتهم باحترام وتقدير، خاصة أنه إذا كان لديهم قصور في ناحية معينة، فإن لديهم قوة وطاقة في نواح أخرى، ربما أكثر من العاديين، ومن ثم يجب استثمارها وتوظيفها بالشكل الصحيح.
وإلى عهد قريب كان الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة مفقودًا على جميع الأصعدة والمستويات بصفة عامة وفي المجال التعليمي بصفة خاصة، فالمدارس والبيئات التعليمية غير مناسبة، ولا يتوافر فيها الوسائل والمصادر التعليمية المناسبة لهم، ولا الأجهزة والتجهيزات اللازمة، وبرامجهم التعليمية ومقرراتهم الدراسية غير مناسبة أيضًا، والمعلمون غير مدربين بدرجة كافية، وتكاد تخلو المدارس من أخصائي تكنولوجيا التعليم المؤهل للعمل معهم.
كان الحال سيئًا يزيدهم إحباطًا على إحباط، ولكن في الآونة الأخير بدا الاهتمام قويًا بتلك الفئات، وعلى كافة الأصعدة والمستويات أيضًا، ومن قبل الهيئات الحكومية وغير الحكومية، وعقدت الندوات والمؤتمرات سواء أكانت محلية أم دولية.
ويعد مدخل تكنولوجيا التعليم من المداخل المنطقية لتصميم التعليم ومعالجة مشكلاته، لأنه يصمم عناصر منظومة التعليم واضعًا في الاعتبار جميع العوامل المؤثرة في عمليتي التعليم والتعلم، بما يهدف إلى تحقيق تعلم فعال، ومن ثم تتجلى أهمية اتباع هذا المدخل في تصميم التعليم لذوي الاحتياجات الخاصة لضمان مراعاة خصائص التلاميذ من ذوي الاحتياجات الخاصة وحاجاتهم التعليمية ونوع الإعاقة وطبيعتها.
مفهوم ذوي الاحتياجات الخاصة:
لقد تطورت المسميات التي أطلقت على هذه الفئة، حيث أطلق عليها أسماء عديدة، منها فئة: المقعدين، والمعاقين، والعجزة، وذوي العاهات، مثل: الأعمى، والأعرج، والكسيح، والأطرش، والأخرس، والمجنون، وأصحاب العاهات، والعاجزين، وكل هذه المسميات منطلقة من مبدأ العجز، أي تنظر إلى الفرد ذي الاحتياجات الخاصة من جوانب ضعفه وقصوره فقط وتهمل جوانب قوته، ثم ظهر مصطلح الفئات الخاصة أو ذوي الاحتياجات الخاصة، وهو مصطلح أكثر قبولًا لما يحمل في طياته مراعاة للجوانب الإنسانية والنفسية، وينظر لهم من جميع الجوانب، ويستغل نقاط قوتهم للتغلب على نقاط ضعفهم.
والحاجة التعليمية في تكنولوجيا التعليم هي فجوة أو انحراف بين ما هو كائن (الوضع الراهن) وما ينبغي أن يكون (الوضع المرغوب)، وعلى ذلك يعرف ذوو الاحتياجات الخاصة بأنهم الأفراد الذين ينحرفون عن المتوسط في جانب أو أكثر من جوانب الشخصية سواء أكان جسديًا أم عقليًا أم نفسيًا أم اجتماعيًا يحول بينهم وبين تحقيق التوازن والسلوك العادي، مما يترتب عليه عدم القدرة على متابعة الترتيبات المدرسية أو الخدمات التعليمية، وهذا يتطلب تعليمهم من خلال برامج خاصة متضمنة وسائل تكنولوجية ملائمة لهذه القدرات، ويمكن تصنيف ذوي الاحتياجات الخاصة إلى عدة فئات كما يلي: الكفيفين وضعاف البصر، والصم وضعاف السمع، والإعاقات الجسدية والصحية، والتخلف العقلي، والموهوبين والعباقرة، والاضطراب النفسي،
وصعوبات التعلم والتواصل، والاحتياجات المتعددة.
تكنولوجيا تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة
تعرف تكنولوجيا تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة بأنها «النظرية والتطبيق في تصميم وتطوير واستخدام وإدارة وتقويم البرامج الخاصة بالأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة لتيسير عملية التعليم والتعلم، والتعامل مع مصادر التعلم المتنوعة لإثراء خبراتهم وسماتهم وقدراتهم الشخصية».
وهناك عديد من المفاهيم والمصطلحات التي تشتق من مفهوم تكنولوجيا تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة، ومن تلك المفاهيم مفهوم التقنيات التعليمية لذوي الاحتياجات الخاصة، أو الوسائل التكنولوجية المعينة لذوي الاحتياجات الخاصة، والتي تعرف بأنها «أي مادة أو قطعة أو نظام منتج، أو شيء معدل أو مصنوع وفقًا للطلب بهدف «زيادة الكفاءة العلمية أو الوظيفية لذوي الاحتياجات الخاصة».
ويكاد يجمع المتخصصون في هذا المجال على هذا التعريف الذي يشير إلى أن مسمى الوسائل التكنولوجية المعينة لذوي لاحتياجات الخاصة يشير إلى «أنها كل أداة أو وسيلة معقدة أم غير معقدة يستخدمها معلمو التربية الخاصة بهدف شرح وتسهيل المادة التعليمية للتلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة». ومن هذه الوسائل: أجهزة الكمبيوتر الشخصية والبرامج الخاصة، والوسائل المعززة للتواصل، والوسائل المعينة على التحكم في البيئة المحيطة، والآلات الحاسبة، وأجهزة التسجيل، والنظارات المكبرة، والكتب المسجلة على شرائط كاسيت، وغيرها من الوسائل المخصصة لهم.
وظائف تكنولوجيا التعليم وأهميتها لذوي الاحتياجات الخاصة
ازدادت أهمية استخدام الوسائل التعليمية في العقود الأخيرة، وأصبحت تلعب الدور الرئيس في عملية تدريس كل التلاميذ سواء أكانوا من ذوي الاحتياجات الخاصة أم غيرهم من التلاميذ العاديين، حيث تساعد الوسائل التلاميذ على التغلب على كثير من العقبات التي تحول دون استقلالهم، كما أنها تيسر عملية تواصلهم الاجتماعي وترفع من مقدرتهم على استيعاب وتطبيق مهارات الحياة اليومية.
إن استخدام الوسائل التكنولوجية في حياة التلاميذ من ذوي الاحتياجات الخاصة لها عديد من الإيجابيات التي تعود عليهم سواء أكان ذلك من الناحية النفسية أم الأكاديمية أم الاجتماعية أم الاقتصادية. فقد أثبتت دراسات كثيرة أن استخدام بعض الوسائل التعليمية كالحاسب الآلي مثلاً له دور كبير في خفض التوتر. حيث تتوفر فيها كثير من البرامج المسلية والألعاب الجميلة التي تدخل البهجة والسرور في نفوس هؤلاء التلاميذ، وبالتالي تخفف كثيرًا من حدة التوتر والقلق النفسي لديهم، وبذلك يستخدم كثير من المعلمين هذه الوسيلة كمعزز إيجابي أو سلبي في تعديل سلوكهم.
كما أثبتت عديد من الدراسات سواء العربية منها والأجنبية فاعلية الوسائل التعليمية في علاج كثير من المشكلات السلوكية والنفسية للتلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة، كما أنها ساهمت في خفض سلوك النشاط الزائد وتحسن بعض السلوكيات المصاحبة له كتشتت الانتباه والاندفاعية وفرط الحركة.
ويمكن تلخيص أوجه الإفادة من تكنولوجيا تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة في النقاط التالية:
- تسهم في علاج مشكلة الفروق الفردية بين ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث تعالج الفروق الفردية التي تظهر بوضوح بين أفراد الفئة الواحدة، فتقدم وسائل تكنولوجيا التعليم مثيرات متعددة للمتعلمين، وكلما استخدمت وسائل متعددة ومتنوعة أمكن مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة على اختلاف قدراتهم واستعداداتهم ونمط تعلمهم على التعلم بشكل أفضل.
- تسهم في تكوين اتجاهات مرغوب فيها: تساعد تكنولوجيا التعليم في تكوين اتجاهات موجبة لدى الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، مثل: (اتباع النظام والتعاون) مما يساعد الطفل على التكيف الاجتماعي.
- تكوين وبناء مفاهيم سليمة: يؤدي تنويع استخدام وسائل تكنولوجيا التعليم المقدمة لذوي الاحتياجات الخاصة إلى تكوين وبناء مفاهيم سليمة لديهم، فعندما يعرض المعلم مثلًا لصور ونماذج عن أنواع الطيور المختلفة مثلًا، يتكون لدى المتعلم مفهوم سليم عن الطيور.
- إكساب الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة المهارات الأكاديمية اللازمة لتكيفهم مع المجتمع المحيط بهم: يتطلب تعلم المهارة واكتسابها مشاهدة نموذج للأداء، وممارسة هذا الأداء، وكلا الأمرين يتطلب الاستعانة بوسائل تكنولوجيا التعليم.
- تعالج اللفظية والتجريد: تساعد تكنولوجيا التعليم ذوي الاحتياجات الخاصة على تجنب نطقهم وكتابتهم للألفاظ دون إدراك مدلولها، ومن ثم تقلل من القدرة على التفكير المجرد للفئات الخاصة من خلال توفير خبرات حسية مناسبة. مما يوسع مجال الخبرات لديهم.
- تقدم وسائل تكنولوجيا التعليم تغذية راجعة فورية ولاسيما برمجيات الكمبيوتر التي تمكن ذوي الاحتياجات الخاصة من معرفة خطأ أو صواب استجابتهم بشكل فوري، وتعزيز استجاباتهم والذي يؤدي بدوره إلى تثبيت الاستجابات الصحيحة وتأكيد عملية التعلم.
- إمكانية تكرار الخبرات: من خلال إتاحة الفرصة لذوي الاحتياجات الخاصة لاستخدام البرمجيات المختلفة وجعل الاحتكاك بينهم وبين ما يتعلمونه احتكاكًا مباشر فعلاً، والتي تعد مطلبًا تربويًا تفرضه طبيعة الإعاقة.
- توفير مميزات خارجية تعوض التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة الضعف في مثيرات الانتباه لديهم.
- تجعل الخبرات التعليمية أكثر فاعلية، وأبقى أثرًا، وأقل احتمالًا للنسيان وتفيد في تبسيط المعلومات المقدمة.
- المساعدة في نمو جميع المهارات (العقلية والاجتماعية واللغوية والحسية والحركية) لدى طفل ذوي الاحتياجات الخاصة.
- تقليل الإعاقات أو إزالة أثرها، بما يساعد على تحسين فرص تعلمهم وزيادة فرص إبداعهم.
- المشاركة الفعالة بشكل كامل في الفصول التعليمية العامة، وإثراء المنهج، وزيادة الحافز أو الباعث، وتشجيع التعاون وزيادة الاستقلالية، وتدعيم التقدير الذاتي، والثقة بالنفس.
- تقليل الاعتماد على الآخرين، مع جعل هؤلاء الأطفال مندمجين مع مجتمعهم والتواصل معه من خلال المشاركة في الأنشطة الاجتماعية، وتنمية مهاراتهم الحياتية.
في ضوء ما سبق يجب أن يعلم المعلم أن الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة حياته محدودة جدًا، وقد لا يعرف كثيرًا من الأشياء التي يسلم بمعرفته لها. فتفاعله مع العالم أكثر محدودية من تفاعل الطفل الطبيعي، ومن ثم يجب توفير الخبرات التي يحتمل تعرضه للحرمان منها من خلال دور تكنولوجيا التعليم ووسائلها المختلفة.
دور تكنولوجيا التعليم في تقديم حلول لذوي الاحتياجات الخاصة
يتمثل دور التكنولوجيا الحديثة في تقديم الرؤى المستقبلية والخدمات والبرامج التعليمية الخاصة، والحلول الإبداعية المبتكرة لمشكلات التعليم، والتي تسهم في إعادة صياغة وتصميم المحتوى التعليمي المقدم لهم بشكل يساعدهم في الحصول على المعلومة بسهولة ويسر، وفي تقديم التطبيق والممارسة والتدريب والتجريب الفعلي من خلال الممارسات التربوية المتنوعة لتشكيل شخصيتهم وتنظيم تعلمهم واكتسابهم للمعارف والمهارات الاجتماعية للتواصل بفاعلية، وتقديم الخدمات التعليمية التي تسعى إلى تنشيط قدراتهم العقلية وتأهيلهم حتى لا يتعرضوا لمشكلات نفسية وتربوية، ولكي يندمجوا في المجتمع ويصبحوا أفرادًا منتجين لا عبئًا على أسرهم ومجتمعهم، ويتلخص دور تكنولوجيا التعليم في تقديم حلول لذوي الاحتياجات الخاصة في المحاور التالية:
- حلول مادية: متمثلة في توفير الأجهزة والمواد والوسائل والمصادر التعليمية والبرمجيات أو اقتنائها.
- حلول فكرية: تشتق من نظريات التعليم والتعلم وتحويلها إلى كفايات تعليمية لتوفير بيئة تعليمية مناسبة لهؤلاء الأفراد وإعداد الكوادر البشرية المدربة واللازمة للعمل في هذا المجال وفق معايير وأسس تربوية يمكن إكسابها من خلال برامج الإعداد.
- حلول تصميمية: تتمثل في مراعاة الأساليب التقنية عند تصميم وتطوير مصادر التعلم والبرامج والمواد التعليمية - المنتجة أو الجاهزة - التي تتناسب وطبيعة هذه الفئة من المتعلمين واحتياجاتهم.
متطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة
من تكنولوجيا التعليم
إن متطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة من تكنولوجيا التعليم مطالب عديدة تصنف في تسع فئات، وفيما يلي شرح مبسط لهذه المتطلبات:
- الدراسة والتحليل: حيث يجب قبل اتخاذ قرار بخصوص تكنولوجيا تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة إجراء الدراسات التي تستهدف تحليل مشكلات ذوي الاحتياجات الخاصة وتقدير احتياجاتهم التعليمية، وتحليل خصائص كل فئة، وتحليل البرامج والمقررات الدراسية الموجهة إليهم، وتحليل الموارد والمعوقات البيئية والتعليمية.
- التصميم والتطوير: ليس من العدل أن يفرض على ذوي الاحتياجات الخاصة استخدام مصادر تعلم جاهزة معدة للطلاب العاديين؛ لأن ذلك من شأنه أن يصعب عليهم التعلم ولا ييسره؛ ومن ثم فهم يحتاجون إلى تصميم وتطوير مصادر تعلم ومنظومات تعليمية مناسبة لهم، وتلبي احتياجاتهم وتحل مشكلات تعلمهم، وتنقل إليهم التعلم المطلوب بكفاءة وفاعلية، ويتطلب ذلك وضع مواصفات ومعايير علمية محددة ودقيقة لتصميم كل مصدر تعليمي لكل فئة منهم، وتصميم المصادر وتطويرها بطريقة منظومة سليمة، وإنشاء مركز تكنولوجي تعليمي مركزي متخصص في إنتاج المصادر والمنظومات التعليمية.
- تصميم وتوفير البيئات والأماكن التعليمية المناسبة: لابد من توفير أماكن وبيئات تعليمية مناسبة لذوي الاحتياجات الخاصة، وتشمل هذه البيئات: المباني المدرسية، ومراكز مصادر التعلم، والمكتبات المدرسية الشاملة، والمكتبات العامة.
- الاقتناء والتزويد: يقصد به العمل على توفير مصادر التعلم المتعددة والمختلفة، وتحديثها وتزويدها بصفة مستمرة، ويتضمن هذا المطلب توفير كل من: المواد والوسائل والمصادر التعليمية، والأجهزة والتجهيزات المطلوبة لاستخدام تلك المصادر، ومن ثم توفير الكفاءات البشرية المؤهلة والمدربة على توظيف تلك المصادر.
- المتابعة والتقويم: يجب إنشاء إدارة متخصصة للمتابعة والتقويم من مهامها القيام بالوظائف التالية: متابعة وتقويم المصادر البشرية وغير البشرية، ومتابعة وتقويم توظيف المصادر واستخدامها من قبل المعلمين والمتعلمين، وتحديد احتياجات المدرسة أو المؤسسة التعليمية من المصادر البشرية وغير البشرية، ثم كتابة التقارير ورفعها إلى المسئولين لتوفيرها.
- التدريب: يعد التدريب مطلبًا ملحًا لنجاح أية برامج تطويرية، ويشمل التدريب تدريب الفئات التالية: معلمي ذوي الاحتياجات الخاصة، وأخصائيي تكنولوجيا التعليم، وأولياء أمور ذوي الاحتياجات الخاصة.
- الإعداد الأكاديمي لمعلمي ذوي الاحتياجات الخاصة وأخصائيي تكنولوجيا التعليم: يجب تطوير الإعداد الأكاديمي لمعلمي ذوي الاحتياجات الخاصة وأخصائيي تكنولوجيا التعليم لتلك الفئة بكليات التربية، فضلًا عن تدريس مقرر في تكنولوجيا تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة لجميع الطلاب في كليات التربية.
- التوعية والإعلام: وهي مطلب أساسي لزيادة وعي المعلمين وأخصائيي تكنولوجيا التعليم وأولياء أمور ذوي الاحتياجات الخاصة بتلك الفئة، ويتطلب ذلك ما يلي: إقامة المحاضرات والندوات والمؤتمرات وورش العمل، وإنشاء قناة تليفزيونية تعليمية لذوي الاحتياجات الخاصة، وتصميم مواقع على شبكة الإنترنت.
- النشر والتوظيف والتبني: ينبغي ألا تقف تكنولوجيا التعليم عند حد تصميم منتوجات ومستحدثات تكنولوجية وتطويرها لذوي الاحتياجات الخاصة، بل ينبغي أن تسعى لنشرها وتوظيفها وتبنيها من قبل مدارس ومؤسسات تعليم وتدريب ذوي الاحتياجات الخاصة.
نماذج تطبيقية لإدخال تكنولوجيا التعليم في تربية ذوي الاحتياجات الخاصة:
تختلف النماذج التطبيقية لإدخال تكنولوجيا التعليم في تربية ذوي الاحتياجات الخاصة باختلاف نوع كل إعاقة، وخاصة الإعاقة البصرية والإعاقة العقلية والإعاقة السمعية والإعاقة الحركية. وفيما يلي بعض النماذج المناسبة لكل نوع من الإعاقات على النحو التالي:
بالنسبة للإعاقة البصرية: يتطلب إدخال تكنولوجيا التعليم لذوي الإعاقة البصرية ما يلي:
- إعداد خطة لإنتاج بعض البرمجيات لتلبية احتياجات المكفوفين.
- زيادة الاهتمام بتوفير احتياجات المعاقين بصريا من المعامل وأجهزة الاستماع والقراءة والكتابة وغيرها.
- زيادة الاهتمام بتوفير أجهزة الكتابة المسطرية وتزويد مدراس المكفوفين بها.
- زيادة الاهتمام بتوفير أجهزة الكمبيوتر المهنية التي تعمل باستخدام اللمس والذبذبات.
- العمل على زيادة أعداد طابعات برايل والأجهزة الصوتية مع إعداد نشرات خاصة بلغة برايل لنشر الفكر الجديد للتطوير بين مدارس المكفوفين.
بالنسبة للإعاقة العقلية: يتطلب إدخال تكنولوجيا التعليم لذوي الإعاقة العقلية ما يلي:
- التوسع في إعداد برامج بالوسائط التربوية المتعددة لتغطية احتياجات هذه الفئة بهدف حفز قدرات التفكير الكامن والمستتر للإبداع والابتكار.
- تطبيق توصيات ومقترحات البحوث والدراسات التي اهتمت بإدخال أو تطبيق مصادر تكنولوجيا التعليم لذوي الإعاقة العقلية.
- ضرورة توفير أجهزة كمبيوتر في الفصول الدراسية، مع إعداد البرامج التعليمية المناسبة لهذه الفئة، ومن أجهزة الكمبيوتر التي تستخدم حاليًا معهم ATARI-8.. GENIS، PILOT، APPLE، I.B.M، North Star، Xerox، Texas instrument.
- زيادة الاهتمام بالزيارات الميدانية لدورها الكبير في مساعدة ذوي الإعاقة العقلية على التكيف الاجتماعي مع المحيطين بهم.
- الاعتماد بشكل كبير على استخدام الحواس من خلال توفير المجسمات سواء أكانت أشياء حقيقية أم عينات أم نماذج بأنواعها المختلفة، وهذا من شأنه مساعدتهم على تركيز الانتباه.
بالنسبة للإعاقة السمعية: يتطلب إدخال تكنولوجيا التعليم لذوي الإعاقة السمعية ما يلي:
- ضرورة مسرحة المناهج الدراسية للصم وضعاف السمع، ويقصد بها تلك الوسيلة التربوية البصرية التي تتخذ من المسرح شكلًا ومن المقرر الدراسي مضمونا، بحيث تساعد الأصم وضعيف السمع على الفهم بسهولة من خلال إثارة حواسه، وتركز على استخدام المسرحة كوسيلة تعليمية من خلال التطبيق الفعلي لها من قبل الصم أنفسهم، فيتحول التدريس من التلقين والجمود إلى التفاعل والحيوية.
- بالاستعانة بأجهزة اللغة الصناعية أو ما يسمى باللغة المنطوقة أو المكتوبة، وهو نظام لغوي مصمم وفق نظام الكمبيوتر والذي يشبه إلى حد كبير اللغة العادية الطبيعية، ويهدف مشروع اللغة الصناعية إلى مساعدة الأطفال الصم وضعاف السمع على التعبير عن أنفسهم بلغة منطوقة أو مكتوبة، ومن أمثلة أجهزة اللغة الصناعية: كمبيوتر كيروزيل، وكمبيوتر بالوميتر، وكمبيوتر أومنيكم، وكمبيوتر زايجو، وكمبيوتر اراس، وكمبيوتر التعبير اللفظي، وكمبيوتر يونيكم.
- استخدام برامج الوسائط المتعددة التي تركز على الرؤية.
- الاعتماد على المستحدثات التكنولوجية السمعية المتنوعة.
- التوسع في إنتاج شرائط فيديو باستخدام لغة الإشارات.
- المساعدة على قراءة الصور والتعامل معها.
بالنسبة للإعاقة الحركية: يتطلب إدخال تكنولوجيا التعليم لذوي الإعاقة الحركية ما يلي:
- زيادة الاهتمام بحصر الإعاقة الحركية لاتخاذ ما يلزم نحو اكتشافهم وتعليمهم ورعايتهم.
- تطويع أجهزة الكمبيوتر لتتناسب مع احتياجات هذه الفئة، فكثير من الطلبة لا يستطيعون مسك القلم في الكتابة كحالات الشلل النصفي أو الشلل الدماغي، فيمكن لأجهزة الكمبيوتر المساعدة في ذلك.
- توفير بعض الأدوات والأجهزة والمعينات، مثل: حامل الكتاب والأوراق وأحزمة لربط بعض الطلبة في الكرسي نظرًا لعدم توازنهم أثناء الجلوس.
- توفير بعض التقنيات التي تساعد في تنمية الحركات الدقيقة كالألعاب التعليمية الدقيقة.
معوقات استخدام تكنولوجيا التعليم لذوي الاحتياجات الخاصة
هناك بعض المعوقات التي تحول دون الاستخدام الأمثل للوسائل التكنولوجية المعينة لذوي الاحتياجات الخاصة، لعل أبرزها سرعة تطوير البرامج ما يجعل فئة المعوقين بعيدة لوقت طويل من اللحاق للاستفادة من آخر هذه التطورات. كما أن ارتفاع تكاليف تجهيز الأجهزة والأدوات التكنولوجية المكيفة لمتطلبات نوع الإعاقة قد تبلغ الكثير بالنسبة للبرامج الخاصة ونفقات تكوين الجهاز. وتلك النفقات لا تقوى على تحملها بعض فئات ذوي الاحتياجات الخاصة حتى داخل المجتمعات المتقدمة، ويمكن تقسيم معوقات استخدام تكنولوجيا التعليم لذوي الاحتياجات الخاصة إلى ما يلي:
أولًا: المعوقات التي تحول دون الاستخدام الأمثل للوسائل التعليمية التي تتعلق بمعلم ذوي الاحتياجات الخاصة:
- عدم توفر دورات تدريبية أثناء الخدمة في مجال استخدام الوسائل في التعليم.
- عدم التأهيل بشكل كاف لاستخدام الوسيلة التعليمية خلال سنوات الدراسة وفترة الإعداد.
- اعتقاد معلمي ذوي الاحتياجات الخاصة أن استخدام الوسائل التعليمية يحتاج إلى مجهود أكبر من التدريب بالطريقة العادية، ويعد ضعف إعداد المعلمين في المرحلة الجامعية على استخدام الوسائل التعليمية له علاقة وثيقة بهذا الجانب.
- ضعف إلمام معلمي ذوي الاحتياجات الخاصة بقواعد استخدام الوسائل التعليمية، وبالتالي يقلل من استخدام المعلمين لها، وهي نتيجة طبيعية لضعف الإعداد، وعدم توفر الدورات أثناء الخدمة.
- اعتقاد معلمي ذوي الاحتياجات الخاصة عدم جدوى الوسائل التعليمية في تعليمهم.
- اعتقاد معلمي ذوي الاحتياجات الخاصة أن استخدام الوسيلة التعليمية يحول دون الإسراع في إنهاء المنهج الدراسي في وقته المحدد.
ثانيًا: المعوقات التي تحول دون الاستخدام الأمثل للوسائل التعليمية التي تتعلق بذوي الاحتياجات الخاصة:
- سوء استخدام التلاميذ من ذوي الاحتياجات الخاصة للأجهزة عند استخدامهم لها وحدهم.
- وجود مشكلات حسية أو بدنية لدى التلاميذ من ذوي الاحتياجات الخاصة والتي تحد من قدرتهم على استخدام الوسيلة التعليمية.
- عدم رغبة التلاميذ في استخدام الوسائل التعليمية، ومن ثم يجب البحث عن الأسباب المؤدية إلى عزوف التلاميذ عن استخدام الوسائل التعليمية.
- ينسى التلاميذ بسرعة ما تعلموه بواسطة الأجهزة التكنولوجية.
- يواجه التلاميذ صعوبة في كيفية استخدام الوسائل التعليمية بسبب قصورهم الإدراكي سواء أكان هذا الإدراك عقليًا كان أم حسيًا.
ثالثًا: المعوقات التي تحول دون الاستخدام الأمثل للوسائل التعليمية التي تتعلق بالإدارة المدرسية لذوي الاحتياجات الخاصة:
- عدم وجود فني لتشغيل وصيانة الأجهزة التعليمية بالمدرسة أو المعهد.
- عدم توافر أجهزة وأدوات وسيلة تعليمية كافية في المعهد/ البرنامج.
- خلو الكتب الدراسية من التوجيهات التي تؤكد ضرورة استخدام الوسائل التعليمية.
- صعوبة نقل بعض الأجهزة التكنولوجية إلى الفصول الدراسية.
- بعد الفصول الدراسية عن مركز التعلم بالمدرسة أو المعهد.
- عدم توفر برمجيات الكمبيوتر التعليمية الملائمة لمستوى التلاميذ بفئاتهم المختلفة.
- عدم تهيئة الفصول الدراسية فنيًا لاستخدام الوسائل التعليمية، سواء أكان ذلك من حيث المساحة أم التوصيلات الكهربائية.
- عدم وجود كتيب إرشادي بالمعهد/ المدرسة يوضح ما هو متوفر من الأجهزة والوسائل التعليمية وكيفية استخدامها.
- عدم جودة كثير من الأجهزة التعليمية، أو أنها غير صالحة للاستعمال.
- عدم وجود مركز لمصادر التعلم بالمدرسة/ المعهد.
- انعدام التنسيق بين المدرسين لاستخدام الأجهزة التكنولوجية المتوفرة، مما يؤدي إلى الفوضى والارتجالية.
- عدم تأكيد إدارة المدرسة/ المعهد على معلمي ذوي الاحتياجات الخاصة بضرورة استخدام التكنولوجيا في التدريس.
- ضيق وقت الحصة وأنه غير كاف لاستخدام الوسيلة التعليمية.
والمقترحات التي نأمل أن تتغلب على تلك المعوقات، وهي كما يلي:
- العمل على توفير الوسائل التعليمية الخاصة في جميع معاهد وبرامج ذوي الاحتياجات الخاصة، مع التركيز والحرص على توفير الوسائل الحديثة التي تراعي سهولة الاستخدام وفعالية الأداء.
- ضرورة تدريب معلمي ذوي الاحتياجات الخاصة على استخدام الوسائل التعليمية.
- ضرورة وجود أخصائي تكنولوجيا تعليم لذوي الاحتياجات الخاصة في كل معهد.
- ضرورة تفعيل دور غرف المصادر، وإنشاء مركز مصادر تعلم في كل معهد وبرنامج تزود معلمي ذوي الاحتياجات الخاصة بكل ما هو مستحدث في مجال الوسائل التعليمية، ويمكن أن تقوم هذه المراكز ببرامج تدريبية وورش عمل للمعلمين.
- ولعل كل هذه التوصيات والمقترحات تتطلب ميزانية ونفقات كبيرة؛ لذلك أنشأت بعض المجتمعات الدولية نظام التأمين ضد الإعاقة «Invalidate» الذي يتحمل تلك النفقات. وهو ما يسمح بإدماج كثيرين منهم في أماكن العمل، وفي فصول الدراسة العادية في الجامعات والمعاهد. وعلى هذا فإن صعوبة وارتفاع تكاليف الاستفادة من مزايا تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات للمعوقين في البلدان النامية يبقى أحد أهم الأسئلة المطروحة للعالم في ظل مجتمع المعلومات وذلك للحد من تلك الهوة الرقمية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق